العالم راهناً يعيش حالة "هِسْتِيْريَا اَلْفَيْرَسَة" أو "الْكَوْرَنَة"؛ والتي يُشعل نيرانَها ذلك الفيروس المُسْتَحْدَث، والمُسمى "جَائِحَة كُوْفِيد - 19 "، أو بالاصطلاح الإعلاموي المروج إلى حد الرعب "كورونا المستجد"، والذي يكشف عن توجه يوحي بتعميق وترسيخ نهج "ديكتاتورية العولموية"؛ والنازعة باتجاه أن تكون مطلقة الهيمنة على الإنسان؛ بدءاَ من مطعمه ومشربه، ملبسه وصحته وأمراضه، وصولاً إلى تَعَقُّلِه وثقافته وخطابه أينما وضع قدميه، سواء على اليابسة أو في الفضاء أو في الماء.

*****

إنه النهج الجديد غير المتفكر فيه بعمق، والساعي إلى اسْتِخْلاق نموذج الإنسان القياسوي المتوحد؛ والمتقولب بالسمات الجمعوية الجديدة التي يقوم عليها فكر العولموية، أي الراكض في طريق السعي إلى استصناع وتعميم نمط الروبوت البشروي المتحول؛ والذي تتواصل خطوات ابتكاره في المعامل المغلقة (ذات المهمات الاستراتيجاوية)، وذلك بإعادة ترتيب هندستُه الجينوية ( حالات إنجاب الأطفال في المعامل لمن لا ينجبون أنموذجا أوليا يثبت ذلك) ليكون الإنسان العولموي المتوقع في المستقبل مستنسخاً تعداداً بالمليارات.

وغرض هذا التوجه في قاعدته المضمرة المسكوت عنها هو ما يُحقق القاعدة الاقتصادوية الرأسمالوية بتوسيع مساحة السوق الاستهلاكوية؛ والمتشكلة من احتياجات ورغائب المليارات من البشر الجدد؛ بغرض تعظيم العوائد النقدوية والربحوية؛ والوصول بها إلى كميات غير محددة مربحة للنظام الرأسمالوي الذي وصل طور العولموية.

*****

ومع عدم الاكتراث الفكراني شخصانياً بالمربع الذي يمكن أن توضع فيه هذه الكتابة - لأغراض معينة من البعض – أي الاتهام بأنها كتابة أسيرة "سيناريو المؤامرة". فإن "سيناريو المؤامرة" لهؤلاء الذين لا يفهمون حقيقة الاستخدام السيناريوهاتي سياسويا؛ عليهم إدراك قاعدة علوم المنطق بأن: "نفي وجود الشئ هو إثبات لوجوده"، حيث "لا وجود لغير موجود".

ولإثبات "النهج المؤامراتي" في قضية فيرسة العالم بكورونا، ينبغي أن ندرك وجود فاعل "خفي/ معلوم"؛ أي مختبئ ولكن تدل الشواهد المنطقية على وجوده؛ وهذا الفاعل الحقيقي هو اللاعب الأول دولياً في الحروب البيولوجية، والدليل أن الصين المصابة الأولى بفيروس "كورونا" وجهت الاتهام إلى الولايات المتحدة الأميركية بإطلاق الفيروس بها خلال الدورة العسكرية في "ووهان" خلال أكتوبر/ تشرين2019 م.

بل وطالبت الصين في إطار دعم اتهاماتها للولايات المتحدة؛ أن تقدم تفسيراً لأسباب إغلاق مُختبر "فورت ويتريك" لأبحاث الجراثيم والفيروسات التّابع للقيادة الطبيّة للجيش الأميركي بولاية ميريلاند أواخِر العام الماضي. إذ نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» فى أغسطس الماضى تقريرا حول إغلاق مختبر تابع للجيش الأميركى لمخاوف خاصة بالسلامة، وهذا المختبر كان يتولى التجارب حول الفيروسات ومنها الفيروس الأم لكل سلالة "فيروس كورونا".

وفي الإطار نفسه نشر موقع Sputnik تقريرا كاشفا عن وثائق البنتاغون الأميركي حول ما وصفه بـ "البرنامج العسكري للتجارب البيولوجية في الولايات المتحدة وحول العالم وفقا لموقع bgr.news-front.info؛ والذي يتولى فيه العلماء العسكريون الأميركيون اختبار فيروسات مصطنعة بمختبرات البنتاغون الحيوية في 25 دولة من بينها جورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وأرمينيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأفريقيا."

*****

ووفقا لما اشتهر به الرئيس الأميركي ترامب في خطاباته من الإشارات والعبارات سخر من ذلك الاتهام الصينوي؛ بل ولا يمكن تجاهل أنه أول من بدأ بوصف الفيروس بـ "الفيروس الصيني"؛ لذلك يكثف الإعلام الرأسمالوي الأميركي ضمن أجنداته السياسوية تعميق الاتهامات إلى الصين بأنها هي التي أطلقت الفيروس ونشرته. وفي حقيقة الأمر أن ظاهرة "فيروس كورونا" ليست بريئة سياسويا؛ وليست وليدة المصادفة وإنما هي إنتاج العقل العولموي الناشط .

لذلك فينبغي على العقل السياسوي ألاَّ يعزل قضية التنازع الاقتصادوي والسياسوي الأميركي/ الصيني الأخيرة التي افتعلها دونالد ترامب مع الصين عن قضية "مسألة الفيرسة" وترويجها غير المسبوق؛ لذلك فالجثوم غير المسبوق من دفق أخبار الإرعاب من فيروس كورونا على آذان وأسماع العالم كله بامتداد ساعات اليوم يدعو للتوقف والتأمل؛ وذلك لتفكيك خطاب تلك العملية؛ ووضع اليد على آليات تشكيل المشكلة على مستويات الفيروس وضحاياه وبرامج مواجهته.

*****

إن دراسة هذه الظاهرة المستجدة القائمة على توظيف كل أدوات التواصل الإعلاموي مهمة كمحاولة لإدراك الأمور بالجهد العلموي توافقا في النمط مع علموية السيناريوهات الخاصة بظاهرة الفيروس.

لذلك فمتتاليات تفاعلات الحوادث المتصاعدة بسبب "الْكَوْرَنَة الفيروسوية" تدعو لممارسة التأمل والتفكر والقراءة لمستجدات الأحداث، ووضع كل مكون في موضعه ضمن إطار الصورة الشاملة للحدث؛ والتي تبدو مصطبغة بصفة عولموية الأنساق؛ ويجري تعميمها من دون التقليل من أهمية كل ردود الأفعال الحادثة هذه إدراكا لطبيعة الخطر البيولوجوي المتضخم لحظة تلو اللحظة.

فالإجراءات الحكوموية؛ بدءاً من اليابان وكوريا والصين في أقصى الشرق الأدنى وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية في أقصى الغرب، ومن الجمهوريات الروسية في أقصى الشمال إلى أستراليا ونيوزيلاند أقصى الجنوب... تُعبر عن حالة من "الصَرَعِ الْعَوْلَمَوِيّ" غير المسبوقة؛ بسبب التحذير من "فيروس/ دالة" هو "ظاهرياتيا" غير معروف آليات استصناعه واستيلاده وترويجه إلى هذه الدرجة المريبة؛ وفي أية معامل للبيولوجيا جرى تخليقه؛ أو تطويره بتحريك "تركيبته الجينوية" ليكون فيروساً جديدا "هش البنية ومخيف الحضور" إلى درجة الإرعاب؛ مع الترويج المكثف للتحذير من الموت به؛ إذ أنه متربص بالخلق جميعهم!!

*****

"فيروس كورونا" أو " جائحة كوفيد-19" يبدو الضجيج الإعلاموي الراهن بكل الهوس المنظور الذي يعكسه؛ يُظْهِرُهُ – ذلك الفيروس - وكأنه يمثل مشروعاً من مشاريع إعلان الحرب البيولوجية في صورتها العولمية؛ والذي ينبغي أن تكون الخبرات الإنسانوية التي راكمها المجتمع العولموي من مواجهاته مع الأوبئة السابقة (الكوليرا والسل والجذام والأنفلونزا المتنوعة والإيدز أنموذجا) تمثل خبرات كبيرة وعميقة وليست بدائية؛ بالنظر إلى التطور العلموي الحادث المخيف في ذلك المجال.

لذلك فقد يختبئ في الضجيج الإعلاموى والإجراءاتي المعولم فاعل معاملاتي حقيقي – غير معروف – ليكون هو من تولى القيام بهندسة تركيبته في إطار برمجيات الحروب البيولوجية العولموية؛ والتي توصف في حقل العلوم السياسوية بالحروب الحديثة؛ وهذا الفاعل أيضا يدير عمليات وضع سيناريوهات ترويج الرعب منه كظاهرة إعلاموية تجتاح العالم راهناً.

*****

إن تصريحاً من مثل نوعية تصريح وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا: "نحن نتحدث عن فيروس لا يحترم الحدود". واصطلاح التسمية للفيروس " جائحة كوفيد –19 " - حسب موسوعة ويكيبديا - " الوباء الذي ينتشر بين البشر في مساحة كبيرة مثل قارة مثلا أو قد تتسع لتضم كافة أرجاء العالم" ... كلاهما يكفيان لكشف طبيعة نمط "الظاهرة الفيروسوية" ورفيقتها "الظاهرة الإعلاموية" العولموية الراهنة.

وهذا هو ما يدعو إلى ضرورة بذل الجهد التفكيكوي للخطاب الإعلاموي سعياً للإمساك بـ "المسكوت عنه" المستتر في متون ذلك الخطاب الترويعوي المهيمن من متوحش "فيروس كورونا"؛ أو ما يُسمى بطريقة أخرى ظاهرة "الفَيْرَسِة العولموية"؛ التي يتم بها اختلاق وتعميم نماذج مستجدة من "الحروب الوبائوية"؛ وهي في ذلك الطور الجديد لا تستهدف الإبادة للبشر قدر ما تستهدف تحقيق الكثير من الأهداف الاقتصادوية الرأسمالوية بمحركاتها السياسوية.

****

في الحلقة التالية نواصل تفكيك خطاب العقل الرأسمالوي العولموي؛ وهو يقوم بتعميم "فيرسة العالم عبر فيروس كورونا"، لتحقيق مستهدفاته الربحوية الهائلة، ويحطم الخصوم بتوظيف أنماط مستحدثة من "الحروب البيولوجوية.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).